الفصل الثاني

نبوات تحقَّقت في المسيح

 

علينا أن نثير السؤال نفسه عن المسيح ابن مريم، وكيف عرف أهل القرن المسيحي الأول في فلسطين صحة رسالته ونبوّته هل كان الله له شاهداً ثانياً؟ هل تحققت في المسيح نبوات سابقة لمجيئه لعالمنا؟ هل أجرى معجزات؟ وهل تنبأ نبوات تمَّ تحقيقها؟

 

نبوات عن المسيح في كتب سابقة

لما كان كثيرون قد أُعجِبوا بدراسة الأرقام التي قدَّمها د خليفة، فسنحلل بعض النبوات التي وردت في التوراة بخصوص المسيح بطريقة حسابية ونتأمل أولاً نبوات جاءت في التوراة عن المسيح وتحققت في الإنجيل، ثم ندرس إمكانية تحقيق هذه النبوات بالصدفة ونقدم مثالاً: لنفترض أنك تملك عشرة قمصان من ألوان مختلفة، أعرفها أنا وأصدقائي ولنفترض أني سأقول للأصحاب إنك غداً سترتدي القميص الأحمر في اليوم التالي تجيء وقد لبست قميصاً أحمر، فأهتف بفرح: (انظروا! إني نبي!) ستقول: (كان هذا صدفة، فلديك فرصة نجاح واحدة من عشرة، وقد أفلحتَ هذه المرة) ولأفترض أن لديك خمس قبعات، من موديلات مختلفة، وأنك تمتلك ثلاثة أزواج من الأحذية: بيضاء وسوداء وبُنّية إن عندي فرصة من عشر فرص لأتنبأ بصواب لون قميصك وعندي فرصة من خمس لأتنبأ بصواب موديل قبعتك وعندي فرصة من ثلاث لأتنبأ بصواب لون حذائك ولكن فرص صوابي في التنبؤ بهذه كلها معاً يكون واحداً من عشرة في واحد من خمسة في واحد من ثلاثة بمعني فرصة بين 150 فرصة.

 

وإذ لنا فكرة الآن عن الفرص الرياضية، لنتأمل في عشر من النبوات الاثنتي عشرة التالية وتحقيقها وسنحذف الأولى عن الميلاد العذراوي من حسابنا، لأنها فريدة من نوعها كما سنحذف الأخيرة وهي قيامة المسيح من الموت لأننا سنحاول برهنتها وسنعطي كل نبوة من العشر الباقية فرصة واحدة لتتحقق، ونرى كيف تتحقق عشر نبوات معاً بمحض الصدفة، أو كيف حقق مجيء المسيح لأرضنا هذه النبوات العشر بالصدفة فإذا كان تحقيق هذه معاً بالصدفة أمراً مستحيلاً، يكون الإنجيل الذي بين أيدينا اليوم صحيحاً، ويكون أن الله قد أرسل المسيح فعلاً للعالم ليخلِّصه من خطاياه.

 

النبوات وتحقيقها

نبوَّة -1

عذراء ستلد وليداً يكون عجيباً حتى أنه يُدعَى (عمانوئيل) ومعناه (الله معنا): تقول نبوة إشعياء 7:14 (وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ) (ويعود تاريخ هذه النبوة إلى عام 750 ق م)

 

نبوّة -2

يكون المسيح من نسل داود: تقول نبوة إرميا 23:5 و6 (هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرٍّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقّاً وَعَدْلاً فِي الْأَرْضِ فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِناً، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا) (ويعود تاريخ هذه النبوة إلى عام 600 ق.م)

 

وقد تم تحقيق النبوتين 1 و2 كما نقرأ في لوقا 1:26-38 (وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلَاكُ مِنَ اللّهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ فَقَالَ لَهَا الْمَلَاكُ: (لَا تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لِأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللّهِ وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ هذَا يَكُونُ عَظِيماً، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الْإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الْأَبَدِ، وَلَا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ)

 

فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلَاكِ: (كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟) فَأَجَابَ الْمَلَاكُ: (اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللّهِ) فَقَالَتْ مَرْيَمُ: (هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ) فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلَاكُ.

 

ولندرك أبعاد تحقيق هذه النبوة يجب أن نسأل: كم شخص يهودي وقتها كان ينتمي لعائلة الملك داود؟ كانت عائلة داود واحدة من مئات عائلات سبط يهوذا ولكن لا بد أن العائلة (وقد صارت مَلَكيَّة) صاهرت بقية عائلات سائر الأسباط واختلطت بها، وافتخر هؤلاء أنهم من نسل داود، لأسباب سياسية وهذا يسمح لنا أن نفترض أن فرصة تحقيق هذه النبوة هي واحد في 200 (أي 2 في 10 أُسّ 2)

 

نبوّة - 3

يولد في بيت لحم حاكمٌ أبدي: جاء في نبوة ميخا 5:2 (أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ الْأَزَلِ) (ويعود تاريخ هذه النبوة إلى عام 750 ق م)

 

وقد تحققت هذه النبوة بالرغم من أن يوسف ومريم كانا يسكنان في الناصرة في شمال البلاد، لأن أغسطس قيصر أمر بإحصاء السكان، كل واحد في مدينته الأصلية، فكان لا بد أن يسافر يوسف ومريم خطيبته إلى بيت لحم في جنوب البلاد.

 

(وَفِي تِلْكَ الْأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضاً مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ) (لوقا 2:1-7)

 

تقول هذه النبوة إن المسيح سيولد في بيت لحم، فنتساءل: كم طفلاً، من بين كل أطفال العالم، وُلد في بيت لحم؟ في وقت إعلان النبي ميخا لهذه النبوة كان عدد سكان العالم بليونين، ومتوسط عدد سكان بيت لحم 7 آلاف فتكون فرصة تحقيق النبوة واحداً من 280 ألف فرصة (أو واحد في 8ر2 في 10 أُسّ 5)

 

نبوّة - 4

رسولٌ يهيئ طريق المسيح: جاء في نبوة ملاخي 3:1 (هَئَنَذَا أُرْسِلُ مَلَاكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي وَيَأْتِي بَغْتَةً إِلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ وَمَلَاكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ هُوَذَا يَأْتِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ) (تعود هذه النبوة إلى عام 400 ق م)

 

وجاء في نبوة إشعياء 40:3 (صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لِإِلَهِنَا)

 

وقد تحققت هذه النبوة كما نقرأ في يوحنا 1:19-30 (وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلَاوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: (مَنْ أَنْتَ؟) فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ فَقَالُوا لَهُ: (مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَاباً لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟) قَالَ: (أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ) وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: (هُوَذَا حَمَلُ اللّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي)

 

وقد صدَّق القرآن على هذه النبوة في سورة آل عمران 3:38 و45 عندما قال إن يحيى (المعمدان) سيجيء (مصدّقاً بكلمة من الله بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخِرة ومن المقرَّبين) وهكذا يسجل القرآن النبوة أن يحيى (المعمدان) سيهيئ الطريق للمسيح، وكيف تحقق ذلك.

 

وهنا نتساءل: بين المولودين في العالم، كم شخصاً كان مسبوقاً بآخَر يهيئ له الطريق؟ مثلاً يقول البهائيون إن شخصاً اسمه الباب أنبأ بمجيء بهاء الله فيمكننا أن نقترح أن واحداً بين ألف كان قائداً مسبوقاً بمن يهيئ له الطريق فتكون فرصة تحقيق هذه النبوة واحداً في 10 أُسّ 3

 

نبوّة - 5

يُجري المسيح معجزات كثيرة: جاء في نبوة إشعياء 35:4-6 أن المسيح سيُجري معجزات كثيرة (قُولُوا لِخَائِفِي الْقُلُوبِ: (تَشَدَّدُوا لَا تَخَافُوا هُوَذَا إِلَهُكُمُ الانْتِقَامُ يَأْتِي جِزَاءُ اللّهِ هُوَ يَأْتِي وَيُخَلِّصُكُمْ) حِينَئِذٍ تَتَفَتَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الْأَعْرَجُ كَالْإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الْأَخْرَسِ)

 

وقد تحققت هذه النبوة في المسيح الذي أجرى العديد من المعجزات ويتحدث الكتاب المقدس عن أربعة أنبياء أجروا الكثير من المعجزات، هم موسى وإيليا وأليشع والمسيح، ولو أن المسيح أجرى معجزات أكثر من الثلاثة الآخرين مجتمعين معاً وترى في الملحق الأول من هذا الكتاب ذكر 37 معجزة أجراها المسيح، سجَّلتها الأناجيل الأربعة، بخلاف ما قيل (وكل المرضى شفاهم) ونقدّر عدد معجزاته بأكثر من ألف معجزة فنقول إن تحقيق هذه النبوة تمَّ في المسيح وحده ولكن لما كان المسلمون يعتقدون بوجود 124 ألف نبي، فسنستخدم هذا الرقم ونقول إن المسيح كان واحداً من 124 ألفاً إذا ففرصة تحقيق هذه النبوة هي 24ر1 في 10 أُسّ 5

 

نبوّة - 6

وبالرغم من المعجزات الكثيرة يقف إخوته ضده: يقول مزمور 69:8 (صِرْتُ أَجْنَبِيّاً عِنْدَ إِخْوَتِي وَغَرِيباً عِنْدَ بَنِي أُمِّي) (كُتب المزمور عام 1000 ق م)

 

وقد تحققت النبوة كما نقرأ في يوحنا 7:3-5 (قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: (انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ هذِهِ الْأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ) لِأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضاً لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ)

 

ونتساءل هنا: كم رئيس يجد عائلته تقف ضده؟ رؤساء كثيرون يضعون أعضاء عائلتهم في أماكن القيادة، ورؤساء كثيرون قتلهم أفراد عائلاتهم ولذلك سنقول إن فرصة تحقيق هذه النبوة هو 2 في 10 أُسّ 1

 

نبوّة - 7

المسيح الملك يدخل عاصمته راكباً حماراً: جاء في نبوة زكريا 9:9 (اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ (وتاريخ النبوة هو عام 520 ق م)

 

وقد تحققت النبوة كما نقرأ في يوحنا 12:12-14 (وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: (أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الْآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ، مَلِكُ إِسْرَائِيلَ!) وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشاً فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ)

 

ولقد اختار المسيح أن يركب حماراً، وحققت الجموع النبوة بأن هتفوا له وعاملوه كملك يدخل عاصمته زمن السلام ونعلم أن الملك داود كان يركب البغال (1 ملوك 1:33) وربما يدخل الحاكم عاصمته اليوم في سيارة مرسيدس ونتساءل: كم شخصاً دخل أورشليم كملكٍ راكباً جحشاً سنفترض أن نسبة تحقيق النبوة 1% (أو واحد في 10 أُسّ 2)

 

نبوّة - 8

هناك نبوة عن أن الرؤساء والملوك سيدبّرون مكيدة للمسيح: جاء في مزمور 2:1 و2 (لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الْأُمَمُ وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ فِي الْبَاطِلِ؟ قَامَ مُلُوكُ الْأَرْضِ وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعاً عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ)

 

وقد تحققت النبوة، فقام ملوك ضد المسيح، كما نقرأ في لوقا 23: 7 و11 (وَحِينَ عَلِمَ (بيلاطس) أَنَّهُ (المسيح) مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ (الملك)، أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ، وَأَلْبَسَهُ لِبَاساً لَامِعاً، وَرَدَّهُ إِلَى بِيلَاطُسَ) (والي القيصر)

 

وقام رؤساء ضد المسيح كما نقرأ في يوحنا 11:47 و53

 

(فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعاً وَقَالُوا: (مَاذَا نَصْنَعُ؟ فَإِنَّ هذَا الْإِنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً فَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ)

 

ونتساءل كم شخصاً أقام موتى ثم حُكم عليه بالموت؟ (ثلاثة فقط يذكرهم الكتاب المقدس أقاموا موتى) فنتساءل من جديد: كم شخصاً لم يعملوا إلا خيراً فقام كل الحكام ضدهم؟ ولما كان من الممكن أن ما يراه واحدٌ خيراً يراه غيره سوءاً، سنكتفي بتقدير نسبة واحد في خمسة (أو 2 في 10 أُسّ 1)

 

نبوّة - 9

المسيح سيُصلب: جاء في مزمور 22:16 (الذي كتبه داود نحو عام 1000 ق م) (جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ)

 

وقد تحققت النبوة كما نقرأ في لوقا 23:33 (وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى (جُمْجُمَةَ) صَلَبُوهُ هُنَاكَ مَعَ الْمُذْنِبَيْنِ، وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ)

 

ولا زال اليهود يتطلعون إلى مجيء المسيح فهناك احتمال أنه جاء، أو سيجيء في المستقبل ونحن نتساءل: كم شخصاً صُلب منذ أيام داود إلى يومنا هذا؟ ثم أنه كانت هناك وسائل إعدام كثيرة: السيف والمقصلة والشنق والرجم ولم يكن اليهود يستخدمون الصَّلب، بل الرجم، مما يجعل للنبوة مغزاها الخاص ويمكن أن نقول إن فرصة تحقيق هذه النبوة هي واحد من 10 آلاف (أو 1 في 10 أُسّ 4)

 

نبوّة - 10

يقتسمون ثيابه، ويلقون قُرعةً على قميصه: جاء في مزمور 22:18 (يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ)

 

وقد تحققت هذه النبوة كما نقرأ في يوحنا19:23 و24 (ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ، أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ، مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: (لَا نَشُقُّهُ، بَلْ نَقْتَرِعُ عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ)

 

والأغلب أن قسمة ثياب المصلوب كانت عادةً متَّبعة عند العسكر ولكن وجود قميص منسوج بغير خياطة ليلقوا عليه قرعة لم يكن أمراً معتاداً فسنحسب فرصة تحقيق هذه النبوة واحداً في مائة (أو 1 في 10 أُسّ 2)

 

نبوّة -11

مع أن المسيح كان باراً إلا أنه حُسِب مع الأشرار، وجُعل مع غني عند موته: جاء في نبوة إشعياء 53:9 و12 (وَجُعِلَ مَعَ الْأَشْرَارِ قَبْرُهُ، وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ)

 

وقد تحققت هذه النبوة كما نقرأ في مرقس 15:27

 

(وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ، وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ) وكما نقرأ في متى 27:57-60

 

(فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَأَسْلَمَ الرُّوحَ وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ - وَكَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلَاطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ فَأَمَرَ بِيلَاطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ)

 

وفي هذه النبوة نجد جزءين: كم نسبة من يُصلبون وهم أبرياء؟ أتمنى أن تكون نسبة قليلة، واحداً من كل 10 والسؤال الثاني: كم نسبة من يُصلبون ويُدفنون مع الأغنياء؟ لا شك أن نسبة اللصوص الأغنياء الذين يصلبون قليلة، فلهم أصدقاء ومحامون يدافعون عنهم فلنفترض أن النسبة واحد من ألف (أو 1 في 10 أُسّ 3)

 

نبوّة -12

بعد موته يقوم: جاء في إشعياء 53:8-10 (قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الْأَحْيَاءِ أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ)

 

وقد تحققت هذه النبوة صباح يوم الأحد التالي ليوم الصَّلب، فنقرأ في لوقا 24:36-43 (وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: (سَلَامٌ لَكُمْ!) اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي) فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ، وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ)

 

)وقد ذكرتُ أني لن أُدخِل النبوة عن قيامة المسيح ضمن نظرية الاحتمالات، لأن هذا ما نريد برهنته)

 

الحسابات

لو أن الاحتمالات التي قدمتُها لتحقيق النبوات التي أوردتُها معقولة، فلا بد أن نثير سؤالاً: ما نسبة عدد الرجال المحتمل أن تتحقق فيهم هذه النبوات العشرة مجتمعة؟ الإجابة هي حاصل ضرب كل التقديرات معاً، أو: واحد من 2 في 10 أس 2 في 8ر2 في 10 أس 5 في 10 أس 3 في 24ر1 في 10 أس 5 في 2 في 10 أس 1 في 10 أس 2 في 2 في 10 أس 1 في 10 أس 4 في10 أس 1 في10 أس 3 هذا يعطينا فرصة واحدة في 78ر2 في 10 أس 28 أو نقول إنها فرصة واحدة في 10 آلاف مليون مليون مليون مليون فرصة!

 

فكيف تتحقق هذه النبوات بالصدفة وحدها؟ وكيف يتفق لرجل، أي رجل، يكون قد عاش منذ كُتبت هذه النبوات إلى عصرنا الحاضر أن يحقق هذه النبوات العشر بالصدفة وحدها؟ سنحصل على الإجابة لو أننا قسمنا 10 أس 28 على عدد البشر الذين عاشوا منذ كُتبت تلك النبوات والعدد الذي نعرفه هو 88 بليون إنسان (أو 8ر8 في 10 أُسّ 10 الذي سنبسّطه بقولنا 1 في 10 أُسّ 11) وبقسمة هذين العددين يتضح لنا أن الفرصة هي واحد في عشرة أُسّ 17!

 

ولأقدم فرصة تحقيق النبوات بمَثَل: لنفترض أننا نأخذ 10 أُسّ 17 قطعة عملة أردنية من فئة العشرة قروش ونضعها متجاورة على مساحة 700 ألف كيلومتر مربع (هي مساحة الأردن وسوريا والعراق مجتمعة) إنها ستغطي كل هذه المساحة بعمق متر واحد والآن ضع علامة على إحدى هذه العملات، واخلطها بالبقية، ثم اطلب من شخص أن يُخرِج العملة ذات العلامة من أول مرة!

 

تخيَّل حجم المشكلة! أين يبدأ بالبحث؟ من أين يبدأ البحث؟ ما هو احتمال استخراجه قطعة العملة المطلوبة؟ هذه بالضبط مشكلة من يريد تحقيق هذه النبوات العشر بضربة حظ واحدة! إذاً لا يمكن أن يكون هؤلاء الأنبياء قد تكلموا بحكمتهم الذاتية.

 

وفي الختام

تحقيق هذه النبوات دليل على أن الله ألهم هؤلاء الأنبياء في ما كتبوا، ففرصة الصدفة عندهم هي فرصة واحدة في 10 أُسّ 17 فرصة! كما أننا لم نورد كل النبوات لم نذكر مثلاً النبوات عن ميلاد المسيح العذراوي وقد جاءت 16 نبوة عن صلب المسيح اخترنا منها أربعاً فقط! (4)

لقد ألهم الله أنبياء التوراة في ما كتبوا، ثم حقق ما كتبوه لنتأكد أن موت المسيح وقيامته ليفدينا من خطايانا أمرٌ صحيح وقد يبدو أننا لا نملك إجابات على بعض ما يتَّهم به د بوكاي الكتاب المقدس، ولكن نظرة واحدة على النبوات التي تحققت، وعلى المعجزات العظيمة التي تأيَّد بها المسيح، تجعلنا ننتظر بثقة حفريات جديدة تؤيد صدق الكتاب المقدس وحتى اليوم برهنت كل حفرية، وكل مخطوطة قديمة اكتُشِفت أن الكتاب المقدس صحيح تماماً، وأن كل انتقاد وُجّه إليه كان باطلاً.

 

وعلى أساس معجزات المسيح، وعدد النبوات التي تحققت فيه، يمكن أن نفهم قوله (صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الْآبِ وَالْآبَ فِيَّ) (يوحنا 14:11) وقوله (لِهذَا يُحِبُّنِي الْآبُ، لِأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لِآخُذَهَا أَيْضاً) (يوحنا 10:17)

 

لا شك أن المسيحيين الأوَّلين لم يخترعوا عقائدهم، فقد جاءوا جميعاً من خلفية يهودية تؤمن بالتوحيد وعندما سمعوا المسيح يقول إنه يغفر الخطايا، ويدعو الله (أباه) واجهوا صعوبة كبرى، بسبب عقائدهم السابقة ولكن شهادة الله لصدق أقوال المسيح، في المعجزات التي صنعها، وفي النبوات التي تحققت فيه، وفي قيامته من الموت، جعلت هؤلاء اليهود يقبلون ما أعلنه المسيح عن نفسه، فيؤمنون به، ويذيعون إيمانهم على الملأ بمؤازرة الروح القدس.

 

الفصل التالي    الفصل السابق

 


القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم

القرآن والعلم

كتب أخرى

الرد على الإسلام